ومِنه قول المفسرين في قول الله تعالى : ( مَنْ أنصارِي إلى الله ) أي مع الله ليس أنّ ( إلى ) في اللغة بمعنى مع ألا تراك لا تقول : سرت إلى زيد وأنت تريد : سرت مع زيد هذا لا يُعرف في كلامهم . وإنما جاز هذا التفسير في هذا الموضع لأن النبيّ إذا كان له أنصار فقد انضمُّوا في نُصْرته إلى الله فكأنه قال : مَن أنصاري منضمِّين إلى الله كما تقول : زيد إلى خير وإلى دَعَة وستر أي آوٍ إلى هذه الأشياء ومنضمّ إليها . فإذا انضمَّ إلى الله فهو معه لا محالة . فعلى هذا فَسَّر المفسرون هذا الموضع .
ومِن ذلك قول الله - عزّ وجلَّ - ( يوم نقولُ لجهنَّم هل امتلأتِ وتقولُ هل من مزيد ) قالوا : معناه : قد امتلأْتِ وهذا أيضا تفسير على المعنى دون اللفظ و ( هل ) مبَقَّاة على استفهامها . وذلك كقولك للرجل لا تشكّ في ضعفه عن الأمر : هل ضعفت عنه وللإنسان ( يحبّ الحياة ) : هل تحبّ الحياة أي فكما تحبّها فليكن حفظك نفسك لها وكما ضعفت عن هذا الأمر فلا تتعرّض لمثله مما تضعف عنه . وكأن الاستفهام إنما دخل هذا الموضع ليتبع الجواب عنه بأن يقال : نعم ( فإن كان كذلك ) فيحتجّ عليه باعترافه به فيجعل ذلك طريقا إلى وعظه أو تبكيته