من المواضع بمنزلة الجزء الواحد أفلا تراك كيف تقدّر اللفظ الواحد تقديرين مختلفين وكل واحد منهما مقبول في القياس متلقىًّ بالبِشرِ والإيناس .
ومن ذلك قول الآخر .
( زمانَ عَلىَّ غُرابٌ غُدَافٌ ... فَطَيَّرَهُ الشيبُ عنِّى فطارا ) .
فهذا موضع يمكن أن يذهب ذاهب فيه إلى سقوط حكم ما تعلّق به الظرف من الفعل ويمكن أيضاً أن يستدلّ به على ثباته وبقاء حكمه وذلك أن الظرف الذي هو عليّ متعلق بمحذوف وتقديره غداة ثبت علىّ أو استقر علىّ غراب ثم حذف الفعل وأقيم الظرف مقامه وقوله فطيّره كما ترى معطوف فأما من أثبت به حكم الفعل المحذوف فله أن يقول إِن طيّره معطوف على ثبت أو استقرّ وجواز العطف عليه أدلّ دليل على اعتداده وبقاء حكمه وأن العَقْد عليه والمعاملة في هذا ونحوه إنما هي معه ألا ترى أن العطف نظير التثنية ومحال أن يثنّى الشئ فيصيرَ مع صاحبه شيئين إلاّ وحالهما في الثبات والاعتِداد واحدة .
فهذا وجه جواز الاستدلال به على بقاء حكم ما تعلّق به الظرف وأنه ليس أصلا متروكا ولا شَرْعاً منسوخاً