رامته العرب من ذلك صحيح على السَبْر والذي ذهبوا هم إليه فاسد غير مستقيم . وذلك أن نَسْخ الشرائع ليس ببَداءٍ عندنا لأنه ليس نهيا عمّا أمر الله تعالى به وإنما هو نهي عن مثل ما أمر الله تعالى به في وقت آخر غير الوقت الذي كان - سبحانه - أمر بالأوّل فيه ألا ترى أنه - عزّ اسمه - لو قال لهم : صوموا يوم كذا ثم نهاهم عن الصوم فيه فيما بعد لكان إنما نهاهم عن مثل ذلك الصوم لا عنه نفسه . فهذا ليس بَدَاء . لكنه لو قال : صوموا يوم الجمعة ثم قال لهم قبل مضيّه : لا ( تصوموه ) لكان - لعمري - بَدَاء وتنقّلا والله - سبحانه - يجِلّ عن هذا لأن فيه انتِكاثا وتراجعا واستدراكا وتتبعا . فكذلك امتناع العرب من نقض أغراضها هو في الفساد مثل ما نزَّهْنا القديم - سبحانه - عنه من البداء .
فمن ذلك امتناعهم من ادّغام الملحَق نحو جَلْبب وشَمْلَل وشُرْبُب ( ورِمدِد ومَهْدَد ) وذلك أنك إنما أردت بالزيادة والتكثير البلوغ إلى مثال معلوم فلو ادّغمت