فيقيم على ذلك زمانا ثم يعرض له فيما بعد من الجفوف واليُبْس ما يعرض لما هذه سبيله فإذا استقرَّ على ذلك اليُبْس وتمكّن فيه ( حتى ينخَر ) لم يُغْن عنه فيما بعد أن تعيده إلى قعر البحر فيقيم فيه مائة عام لأنه قد كان بَعُد عن الرطوبة بعدا أوغل فيه حتى أيأس من معاودته البتَّة إليها .
فهذه حال إقرار الحكم مع زوال العلّة وهو الأقلّ في كلامهم . وعلى طَرَف من الملامحة له قول الله D : ( آلآنَ وقد عصيتَ قبل ) .
ومنها أنهم قد قلبوا الواو ياء قلبا صريحا لا عن علّة مؤثّرة أكثر من الاستخفاف نحو قولهم : رجل غَدْيان وعَشيان والأَريحِيّة ورَياح ولا كسرة هناك ولا اعتقاد كسرة فيه قد كانت في واحده لأنه ليس جمعا فيحتذى به ويقتاس به على حكم واحده . وكذلك قول الآخر : .
( جَوْل التراب فهو جَيْلانيّ ... ) .
فإذا جنحوا إلى الياء هذا الجُنوح العاري من السبب المؤثّر سوى ما فيه من الاسترواح إليه كان قلب الأثقل إلى الأخفّ وبقاؤه على ذلك لضرب من التأوّل أولى وأجدر