فكما تقول في جواب رأيت زيدا : من زيدا كذلك قلت أيضا في جواب جاءني عُمَر : أعمروه .
وأيضا فإن مدّة الإنكار لا تتصل بما قبلها اتصال مَدّة الندبة بما قبلها ألا ترى التنوين فاصلا بينهما في نحو أزيدنيه ولا يفصل به بين المندوب ومدّة الندبة في نحو واغلام زيداه بل تحذفه لمكان مدّة الندبة وتعاقب بينهما لقوة اتصالها به كقوّة اتصال التنوين به فكرهوا أن يظاهروا بينهما في آخر الاسم لتثاقله عن احتمال زيادتين في آخره . فلمّا حذف التنوين لمدّة الندبة قوي اتصالها بالمندوب فخالطته فأثَّرت فيه الفتح . ولمّا تأخّرت عنه مدّة الإنكار ولم تماسّه مماسّة مَدّة الندبة له لم تغيره تغييرها إياه . ويزيدك في علمك ببعد مَدّة الإنكار عن الاسم الذي تبعته وقوعُ ( إنْ ) بعد التنوين فاصلة بينهما نحو أزيدا إنيه ! وأزيدُ إنيه ! وهذا ظاهر للإبعاد لها عنه . وأغرب من هذا أنك قد تباشر بعلامة الإنكار غير اللفظ الأوّل . وذلك في قول بعضهم وقد قيل له : أتخرج إلى البادية إن أخصبَتْ فقال : أَنا إنيه ! فهذا أمر آخر أطَمّ من الأوّل ألا تراك إذا ندبت زيدا ونحوه فإنما تأتي بنفس اللفظ الذي هو عبارة عنه لا بلفظ آخر ليس بعبارة عنه . وهذا تناهٍ في ترك مباشرة مَدّة الإنكار للفظ الاسم المتناكَرة حالهُ وما أبعد هذا عن حديث الندبة !