وأما المختلفتان فأمرهما واضح . وذلك نحو يرمون ويقضون . والأصل : يرميون ويقضيون فأسِكنت الياء استثقالا للضمّة عليها ونُقلت إلى ما قبلها فابتزّته كسرته لطروئها عليها فصار : يرمون ويقضون . وكذلك قولهم : أنتِ تغزِين أصله تغزُوين فنقِلت الكسرة من الواو إلى الزاي فابتزَّتها ضمتها فصار : تغزين . إلا أن منهم من يُشِمّ الضمّة إرادة للضمّة المقدّرة ومنهم من يُخلِص الكسرة فلا يُشِمّ . ويدلّك على مراعاتهم لتلك الكسرة والضمة المبتزّتين عن هذين الموضعين أنهم إذا أمروا ضمّوا همزة الوصل وكسروها إرادة لهما وذلك كقولهم : اُقضوا اُبنوا وقولهم : اُغزي اُدعي . فكسرهم مع ضمة الثالث وضمّهم مع كسرته يدّل على قوّة مراعاتهم للأَصل المغيَّر وأنه عندهم مراعّي معتدّ مقدّر .
ومن المتّفِقة حركاته ما كانت فيه الفتحتان نحو اسم المفعول من نحو اشتدّ واحمرّ وذلك قولهم : مشتدّ ومحمرّ من قولك : هذا رجل مشتدّ عليه وهذا مكان محمرّ فيه ( وأصله مشتدَدُ ومحمرَرُ ) فأسكِنت الدال والراء الأوليان وادّغمتا في مثلهما من بعدهما ولم ننقل الحركة إلى ما قبلها فتغلِبه على حركته التي فيه