وأما سبب نَعْمتهنّ ووفائهن وتماديهن إذا وقع المشدّد بعدهن فلأنهن - كما ترى - سواكن وأوّل المثلين مع التشديد ساكن فيجفو عليهم أن يلتقي الساكنان حشوا في كلامهم فحينئذ مّا ينهضون بالألف بقوّة الاعتماد عليها فيجعلون طولها ووفاء الصوت بها عِوضا ممّا كان يجب لالتقاء الساكنين : من تحريكها إذا لم يجدوا عليها تطرّقا ولا بالاستراحة إليه تعلقّا . وذلك نحو شابّة ودابّة وهذا قضيب بكَّر في قضيبِ بَكْر وقد تمودّ الثوب وقد قوصّ بما عليه . وإذا كان كذلك فكلمّا رسخ الحرف في المدّ كان حينئذ محفوظا بتمامه وتمادى الصوت به وذلك الألف ثم الياء ثم الواو . فشابّة إذًا أوفى صوتا وأنعم جَرْ من أختيها وقضيب بَّكر أنعم وأتمّ من قُوصَّ به وتمودّ ثوبه لبعد الواو من أعرق الثلاث في المدّ - وهي الألف - وقربِ الياء إليها . نعم وربما لم يكتفِ مَن تقوى لغته ويتعالى تمكينه وجهارته بما تجشمه من مدّ الألف في هذا الموضع دون أن يطغى به طبعه ويتخطى به اعتماده ووطؤه إلى أن يبدل من هذه الألف همزة فيحمّلها الحركة التي كان كلِفا بها و ( مصانعا بِطول ) المَدّة عنها فيقول : شأبّة ودأبّة . وسنأتي بنحو هذا في بابه قال كثَيِّر .
( إذا ما العوالي بالعبيط احمأرّت ... )