ومن ذلك جميع ما كسِّرته العرب على حذف زائده كقولهم في جمع كَرَوان : كِرْوان . وذلك أنك لمّا حذفت ألفه ونونه بقي معك كَرَوَ فقلبت واوه ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها طَرَفا فصارت كرا ثم كسّرت ( كرا ) هذا على كِرْوان كشَبَث وشِبْثان وخَرَب وخِرْبان . وعليه قولهم في المثل : أطرِق كرا إنما هو عندنا ترخيم كَرَوان على قولهم : يا حارُ . وأنشدنا لذي الرمة : .
( مِن آل أبي موسى ترى الناس حولَه ... كأنهم الكِرْوانُ أبصرن بازيا ) .
( فالواو الآن في كِروان إنما هي بدل من ألف كرا المبدَلة من واو كَرَوان ) .
ومنه قول الله سبحانه : ( حتى إذا بلغ أشُدَّه ) وهو عند سيبويه تكسير شِدّة على حذف زائدته . وذلك أنه لمَّا حذف التاء بقي الاسم على شِدّ ثم كسّره على أشُدّ فصار كذئب وأَذْؤُب وقِطْع وأَقْطُع . ونظير شِدّة وأشُدّ قولهم : نِعمة وأنْعُم وقال أبو عُبيدة : هو جمع أشَدّ على حذف الزيادة . قال : وربما استكرِهوا على ذلك في الشعر وأنشد بيت عنترة : .
( عَهْدِي به شَدّ النهارِ كأنمَّا ... خُضِب اللَّبان ورأسُه بالعِظلِم )