والذي يدل على صحة هذا التعليل وأنهم إنما بنوها لخلاف المبتدأ أنا أجمعنا على أنهم إذا لم يحذفوا المبتدأ أعربوها ولم يبنوها فقالوا ضربت أيهم هو في الدار بالنصب وإنما حسن حذف المبتدأ من صلة أي ولم يحسن حذفه مع غيرها من أخواتها لأن أي لا تنفك عن الإضافة فيصير المضاف إليه عوضا عن حذف المبتدأ بخلاف غيرها من أخواتها فلهذا حسن الحذف مع أي دون سائر أخواتها .
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين اما احتجاجهم بقراءة من قرأ ( ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد ) بالنصب فهي قراءة شاذة جاءت على لغة شاذة لبعض العرب ولم يقع الخلاف في هذه اللغة ولا في هذه القراءة وإنما وقع الخلاف في اللغة الفصيحة المشهورة والقراءة المشهورة التي عليها قرأة الأمصار أيهم بالضم وهي حجة عليهم .
قولهم إن الضمة فيها ضمة إعراب لا ضمة بناء وإنه مرفوع لأنه مبتدأ لأن قوله ( لننزعن ) عمل في من وما بعدها واكتفى الفعل بما ذكر معه كقولهم قتلت من كل قبيل قلنا هذ خلاف الظاهر لأن قوله ( لننزعن ) فعل متعد فلا بد أن يكون له مفعول إما مظهر أو مقدر وأيهم يصلح أن يكون مفعولا وهو ملفوظ به مظهر فكان أولى من تقدير مفعول مقدر .
وأما قولهم إن تقدير الآية فتنظروا أيهم أشد قلنا وهذا أيضا خلاف الظاهر لأنه ليس في اللفظ ما يدل على تقدير هذا الفعل وقوله ( لننزعن ) فعل يصلح أن يكون ( أيهم مفعولا له فكان أولى من تقدير فعل لا دليل يدل عليه ولا حاجة إليه