وهذا هو الجواب عن جميع ما استشهدوا به من الآيات إلا قوله تعالى ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) فإن الجواب عنه من وجهين .
أحدهما أن يكون الاستثناء وقع على دخولهم آمنين والتقدير فيه لتدخلن المسجد الحرام آمنين إن شاء الله .
والوجه الثاني أن يكون ذلك على طريق التأديب للعباد ليتأدبوا بذلك كما قال تعالى ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ) .
وهذا هو الجواب عن قوله صلوات الله عليه وإنا إن شاء الله بكم لاحقون لأنه لماأدبه الحق تعالى بقوله تعالى ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء ) تمسك بالأدب وأحال على المشيئة فقال ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) .
وعلى هذا أيضا يحمل قول السلف أنا مؤمن إن شاء الله تعالى ويحتمل أيضا وجهين آخرين .
أحدهما أن يكونوا قالوا ذلك تركا لتزكية النفس لا للشك كما قال تعالى ( فلا تزكوا أنفسكم ) وكما قيل لبعض الحكماء ما الصدق القبيح فقال ثناء الرجل على نفسه .
والثاني أن يكون قولهم إن شاء الله شكا في وصف الإيمان لا في أصل الإيمان والشك في وصف الإيمان لا يقدح في أصل الإيمان وأما قول الشاعر .
( إن كان سمعك غير ذي وقر ... ) .
فلا حجة فيه لأن إن فيه حرف شرط لا بمعنى إذ واستغنى بما تقدم من قوله وسمعت عن جواب الشرط لدلالته عليه على ما بينا فيما تقدم والله أعلم