للعمل في الشرط وجوابه لاقتضائه لهما بخلاف غيره من الحروف الجازمة فإنها لما اقتضت فعلا واحدا عملت في شيء واحد وحرف الشرط لما اقتضي شيئين وجب ان يعمل في شيئين قياسا على سائر العوامل .
فأما من ذهب إلى أنه مبني على الوقف فقال لأن الفعل المضارع إنما أعرب بوقوعه موقع الاسم وجواب الشرط لا يقع موقع الاسم لأنه ليس من مواضعه فوجب أن يكون مبنيا على أصله فكذلك فعل الشرط .
وهذا القول ليس بمعتد به عند البصريين لظهور فساده لأنه لو كان الأمر على ما زعمتم لكان ينبغي ان لا يكون الفعل معربا بعد أن وكي وإذن وكذلك أيضا بعد لم ولما ولام الأمر ولا في النهي لأن الاسم لا يقع بعد هذه الأحرف فكان ينبغي أن يكون الفعل بعدها مبنيا لأنه لم يقع موقع الاسم فلما انعقد الإجماع في هذه المواضع على أنه معرب وأنه منصوب بدخول النواصب ومجزوم بدخول الجوازم دل على فساد ما ذهب إليه .
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين أما احتجاجهم بقوله تعالى ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ) فلا حجة لهم فيه لأن قوله ( والمشركين ) ليس معطوفا على ( الذين كفروا ) وإنما هو معطوف على قوله ( من أهل الكتاب ) فدخله الجر لأنه معطوف على مجرور لا على الجوار .
واما قوله تعالى ( فأمسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) فلا حجة لهم فيه أيضا لأنه على قراءة من قرأ بالجر ليس معطوفا على قوله ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ) وإنما هو معطوف على قوله ( برؤسكم ) على أن المراد بالمسح في الأرجل الغسل وقال أبو زيد الأنصاري المسح خفيف الغسل وكان أبو زيد