وأما قولهم إنه يجوز العطف على موضع لكن كما يجوز العطف على موضع إن فدل على أن الأصل فيها إن قلنا لا نسلم أنه إنما جاز العطف على موضع لكن لأن أصلها إن وإنما جاز ذلك لأن لكن لا تغير معنى الابتداء لأن معناها الاستدراك والاستدراك لا يزيل معنى الابتداء والاستئناف فجاز أن يعطف على موضعها كإن لأن إن إنما جاز أن يعطف على موضعها دون سائر أخواتها لأنها لم تغير معنى الابتداء بخلاف كأن وليت ولعل لأن كأن أدخلت في الكلام معنى التشبيه وليت أدخلت في الكلام معنى التمني ولعل أدخلت في الكلام معنى الترجى فتغير معنى الابتداء فلم يجز العطف على موضع الابتداء لزواله فأما لكن لما كان معناها الاستدراك وهو لا يزيل معنى الابتداء والاستئناف جاز العطف على موضعها كإن على أنه من النحويين من يذهب إلى زوال معنى الابتداء مع لكن فلا يجوز العطف على موضعها .
والذي يدل على أن لكن مخالفة لإن في دخول اللام معها أنه لم يأت في كلامهم دخول اللام على اسمها إذا كان خبرها ظرفا أو حرف جر نحو لكن عندك لزيدا أو لكن في الدار لعمرا كما جاء ذلك في إن فلما لم يأت ذلك في شيء من كلامهم ولا نقل في شيء من أشعارهم دل أنه لا يجوز دخول اللام في خبرها لأن مجيئه في اسمها مقدم في الرتبة على مجيئه في خبرها وإذا لم تدخل اللام في اسمها فأن لا تدخل في خبرها كان ذلك من طريق الأولى .
وبيان هذا وهو أن الأصل في هذه اللام أن تكون متقدمة في صدر الكلام فكان ينبغي أن تكون مقدمة على إن إلا أنه لما كانت اللام للتأكيد وإن للتأكيد لم يجمعوا بين حرفي تأكيد فكان الأصل يقتضي أن تنقل عن صدر الكلام وتدخل الاسم لأنه أقرب إليه من الخبر إلا أنه لما كان الاسم يلي