لأن هذا إنما امتنع لأنه فاعل مفعولٍ وقد جعلت المفعولَ لا بدّ منهُ وحقُّ الفاعل أن يكون غير المفعول إلا في الظن وأخواته فإذا أردت هذا المعنى قلت : ( ضَربَ زيداً نفسُهُ ) ( وضَربَ زيدٌ نفسَهُ ) وقالوا : فإن لم تجيء بالنفس فلا بدّ من إظهار المكنى ليقوم مقامَ ما هو منفصلٌ من الفعل لأن الضميرَ المنفصل بمنزلة الأجنبي فتقول : ( ضَربَ زيداً هُوَ ) ( وضَربَ زيدٌ إيَّاهُ ) واحتجوا بقوله D : ( وما يَعلمُ جنودَ ربِّكَ إلا هُو ) كأنه في التقدير : ( وما يَعلمُ جنودَ ربِكَ إلاّ ربُّكَ ) ولو جاز أن تقولَ : ضربتني وضربتُكَ فأوقعتَ فعلَكَ على نفسِكَ ومَنْ تخاطِبهُ للزمكَ أن تقول : ( ضَربهُ ) للغائَبِ فتوقع فِعْلَ الغائب على نفسه بالكناية فلا يعلم لَمْن الهاء فإذا قلت : ( ضَربَ نفسَهُ ) بأنَّ لكَ ذلكَ وما الذي يجوز فيه تعدى فعلِ الفاعل إلى نفسهِ فقولك : ( ظننتي قائماً وخلتني جالساً ) فإنَّ هذا وما أشبههُ يتعدى فيه فعلُ المضمر إلى المضمر ولا يتعدى فَعلُ المضمر إلى الظاهر لأنَّهُ يصيرُ في المفعولُ الذي هو فضلةٌ لا بدَّ منهُ وإلا بطلَ الكلام .
وهذه مسألةٌ شرحها أبو العباس وذكر قول أصحابه ثم قولهُ قالَ : قال سيبويه : ( أزيداً ضربَهُ أبوهُ ) لأن ما كانَ من سببهِ موقعٌ به الفِعلَ كما يوقعه ما ليس من سببه ولا أقول : ( أزيداً ضربَ ) فيكون الضمير في ( ضربَ ) هو الفاعلُ وزيدٌ مفعولٌ فيكون هو الضاربُ نفسَهُ وأضع الضمير في موضع أبيه حيث كان فاعلاً قيلَ لهُ : لِمَ لا يجوزُ هذا وما الفصلُ بينَهُ