وهذا الذي قاله أبو العباس C لست أقوله ولا يجوز أن تكون ( إن ) تخلو من الفعلِ المستقبل لأن الجزاء لا يكون إلا بالمستقبل وهذا الذي قال عندي نقض لأصول الكلام .
فالتأويل عندي لقوله : إنْ كنتَ زرتني أمسِ أكرمتُك اليومَ إنْ تكن كنتَ ممن زارني أمسِ أكرمتُكَ اليوم وإن كنت زرتني أمس زرتُكَ اليومَ فدلتْ ( كنت ) على ( تكن ) وكذلك قوله D : ( إنْ كُنْت قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ) أي إنْ أكنْ كنت ( أو ) إنْ أقل كنت قلته أو أقر بهذا الكلامِ وقد حكي عن المازني ما يقاربُ هذا ورأيت في كتاب أبي العباس بخطهِ موقعاً عند الجواب في هذه المسألة ينظرُ فيه وأحسبه ترك هذا القولَ وقال : قال سيبويه في قوله D : ( قل إنَّ الموتَ الذي تفّرونَ منهُ فإنَّه مُلاَقِيكُم ) : إنما دخلت الفاء لذكره تفرون ونحن نعلمُ أنَّ الموتَ ليس يلاقيكم من أجل أنهم فروا كقولكَ : الذي يأتينا فلَهُ درهمانِ فإنما وجب لَهُ الدرهمانِ من أجل الإِتيان ولكن القول فيه والله أَعلم : إنما هو مخاطبة لِمَنْ يهرب من الموت ولَم يتمنَّه قال الله D : ( فتمنَّوا الموتَ إنْ كنتم صادقين ) .
فالمعنى : أي أنتم إنْ فررتم منهُ فإنه ملاقيكم ودخلت الفاء لإعتلالهم من الموت عن أنفسهم بالفرار نحو قول زهير : .
( ومَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنِيَّةَ يَلْقَها ... وإنْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ )