ملبسٍ وهو على ذلك اتساعٌ في الكلام لأن المبتدأ ينبغي أن يكون خبره يجوزُ فيه الصدق والكذب والأمر والنهي ليسا بخبرين والدعاء كالأمر وإنما قالوا : زيدٌ قم إليه وعمروٌ اضربْهُ اتساعاً كما قالوا : زيدٌ هَلْ ضربَتهُ فسدّ الإستفهام مسد الخبرِ وليس بخبر على الحقيقة وقال : إذا اجزت افعلْ ولا تفعل أمروا ولم ينهُوا وذلك في المصادر والأسماء والأدوات فتقول : ضرباً ضرباً والله تريد : اضربْ ضربا واتقِ الله .
وهلمَّ وهاؤم إنما لم يجز في النهي لأنه لا يجوز أن يضمر شيئان لا والفعل ولو جاءوا ( بلا ) وحدها لم يجز أيضاً أن يحال بين ( لا ) والفعلِ لأنها عاملةٌ وتقولُ : ليضرب زيدٌ وليضرب عمروٌ وتقولُ : زيداً اضربْ تنصبُ زيداً ( باضربْ ) وقال قوم : تنصبُ زيداً بفعل مضمرٌ ودليلهم على ذلك أنك تدخلُ فيه الفاء فتقول : زيداً فاضربْ وقالوا : إنَّ الأمر والنهي لا يتقدمها منصوبهما لأن لهما الإستصدارَ والذين يجيزونَ التقديم يحتجون بقول العربِ بزيد امرر ويقولون : إن الباءَ متعلقة بامرر ولأنه لا يكون الفعل فارغاً وقد تقدمه مفعوله ويضمرون إذا شغلوا نحو قولهم : زيداً اضربْه ولهذا موضع يذكر فيه إن شاء الله .
وتقول : ضرباً زيداً تريد : اضربْ زيداً .
وقوم يجيزون ضرب زيد وأنت تريدُ : ضرباً زيداً ثم تضيف وهذا عندي قبيحٌ لأن ضرباً قامَ مقامَ اضربْ واضربْ لا يضاف والألفُ في الأمر تذهب إذا اتصلت بكلام نحو قولك : اضربْ اضربْ واذهبْ اذهبْ ويقولون : ادخلْ ادخلْ واذهبْ ادخلْ ويختارون الضم إذا كانت بعد مضمومٍ والكسر جائزٌ تقول : اذهبْ ادخلْ .
وقد حكوا : ادخلِ الدارِ للواحدِ على الإِتباع وهو رديءٌ لأنه ملبسٌ وقالوا : يجوز الإِتباع في المفتوح مثل قولك : اصنع الخير .
وقالوا : لا نجيزهُ ولم نسمعْهُ لأنّا قد سمعناهُ إذا حرك نحو قول الشاعر : .
( يَحسَبُهُ الجَاهِلُ مَا لَمْ يَعْلَما ... )