تعمل فيما بعدها شيءٌ مما قبلها وكذلك قولك : إنْ تأتني فلكَ درهمٌ وما أشبه هذا وقد أجازوا للشاعر إذا اضطر أن يحذف الفاء .
وأما الثاني : فأن يقع موقع حرف الجزاء اسم والأسماء التي تقع موقعه على ضربين : اسمٌ غير ظرفٍ واسمٌ ظرفٌ .
فالأسماء التي هي غير الظروف : مَنْ ومَا وأيّهم تقول : مَنْ تكرمْ أكرمْ وكان الأصل : إنْ تكرمْ زيداً وأشباهَ زيدٍ أكرم فوقعت ( مَنْ ) لما يعقل كما وقعت ( مَنْ ) في الإستفهام مبهمةً لما في ذلك من الحكمة وكذلك : ما تصنعُ أَصنعْ وأّيَّهم تضرب أَضربْ تنصب أيهم بتضرب لأن المعنى : إنْ تضربْ أياً ما منهم أَضربْ ولكن لا يجوز أن تقدم ( تضربْ ) على ( أي ) لأن هذه الأسماء إذا كانت جزاءً أو استفهاماً فلها صدور الكلام كما كان للحروف التي وقعت مواقعها فكذلك مَنْ وما إذا قلت : مَنْ تكرمْ أكرمْ وما تصنعْ أَصنعْ .
وموضعها نصب وإذا أردت أن تبين مواضعها من الإِعراب فضع موضعها ( إن ) حتى يتبين لك وإذا قلت : مَنْ يقمْ أَقم إليه فموضع ( مَنْ ) رفعٌ لأنها غير معقولة وكذا ايهم يضرب زيداً أضربه وأيهم يأتني أحسن إليه وأما ( مَهما ) فقال الخليل : هي ( مَا ) أدخلت معها ( ما ) لغواً وأبدلوا الالفَ هاء .
قال سيبويه : ويجوز أن تكون كإِذْ ضُمتْ إليها ( مَا ) وأما الظروف التي يجازى بها : فمتى وأينَ وأنَّى وأي حين وحيثُما وإذْ ما لا يجازى بحيثُ وإذْ حتى يُضم إليهما ( مَا ) تصير مع كل واحد منهما بمنزلة حرف واحد .
فتقول إذا جازيت بهن : متى تأتني آتِكَ وأينْ تقمْ أَقمْ وأَنى تذهبْ أَذهبْ وأي حين تصلْ أَصلْ ( فأيُّ ) إلى أي شيء أضفتها كانت منه إن أضفتها إلى الزمان فهي زمانٌ .
وإن أضفتها إلى المكان فهي مكانٌ وتقول : حيثُما تذهبْ أذهبْ وإذ ما تفعلُ أفعلْ قال الشاعر :