وينشدُ تراد لم يجعل بين الرحلة والركوب مهلةُ ولم يرد أنَّ رحلته فيما مضى وركوبه الآن ولكنه وصل الثاني بالأول ومعنى قولي : إنَّكَ إذا رفعتَ ما بعد حتى فلا بدّ من أن يكون الفعلُ الذي قبلها هو الذي أدى الفعلَ الذي بعدها أن السير به كان الدخول إذا قلت : سرتُ حتى أدخلَها .
ولو لمْ يسرْ لَم يدخلْها ولو قلت : سرتُ حتى يدخلُ زيدٌ فرفعت ( يدخلُ ) لمِ تَجر لأن سيرك لا يؤدي زيداً إلى الدخول فإن نصبت وجعلتَها غايةً جازَ فقلت : سرتُ حتى يدخلَ زيدٌ تريدُ إلى أن يدخل زيدٌ وكذلك : سرتُ حتى تطلعَ الشمسُ ولا يجوز أن ترفع ( تَطلعُ ) لأنَّ سيركَ ليس بسببٍ لطلوع الشمسِ وجاز النصب لأن طلوع الشمسِ قد يكون غايةً لسيرك .
وأما الوجه الثاني من الرفع : فأن يكون الفعلُ الذي بعد ( حتىَّ ) حاضراً ولا يراد به اتصاله بما قبله ويجوز أن يكون ما قبله منقطعاً ومن ذلك قولك : لقد سرت حتى أدخلها وما أمنع حتى أني أدخلُها الآن أدخلُها كيفَ شئت ومثل قول الرجل : لقد رأى مني عاماً أول شيئاً حتى لا أستطيع أن أكلَمه العامَ بشيءٍ .
ولقد مَرِض حتى لا يرجونه إنما يراد أنه الآن لا يرجونه وأن هذه حاله وقت كلامه ( فحتى ) ها هنا كحرفٍ من حروف الإبتداء والرفع