فلذلك لا تقع إلا على نكرة ولأن ما بعدها يخرج مخرج التمييز تقول : رب رجل قد جاءني فأكرمته ورب دار قد أبتنيتها وأنفقت عليها وقال في موضع آخر : رب معناها الشيء يقع قليلاً ولا يكون ذلك الشيء إلا منكوراً لأنه واحد يدل على أكثر منه ولا تكون رب إلا في أول الكلام لدخول هذا المعنى فيها .
وقال أبو بكر : والنحويون كالمجتمعين على أن رُبَّ جواب إنما تقول : رُبَّ رجل عالمٍ لمن قال : رأيت رجلاً عالماً أو قدرت ذلك فيه فتقول : رُبَّ رجل عالم تريد : رُبَّ رجل عالم قد رأيتُ فضارعت أيضاً حرف النفي إذا كان حرف النفي يليه الواحد المنكور وهو يراد به الجماعة .
فهذا أيضاً مما جعلت له صدراً .
واعلم : أن الفعل العامل فيها أكثر ما يستعمله العرب محذوفاً لأنه جواب وقد علم فحذف وربما جيء به توكيداً وزيادة في البيان فتقول : رُبّ رجل عالم قد أتيت فتجعل هذا هو الفعل الذي تعلقت به ( رُبَّ ) حتى يكون في تقديره : برجلٍ عالمٍ مررت وكذلك إذا قال : رُبَّ رجل جاءني فأكرمته وأكرمته فها هنا فعل أيضاً محذوف فكأنه قال له قائل : ما جاءك رجل فأكرمته وأكرمته فقلت : رُبَّ رجل جاءني فأكرمته وأكرمته أي : قد كنت فعلت ذاك فيكون جاءني وما بعده صفة رجلٍ والصفة والموصوف بمنزلة اسم واحد والكلام بعدُ ما تم فإن لم تضمر : قد فعلت وما أشبه ذلك وإلا لم يجز فإذا قال : ما أحسنت إليّ .
قلت : رُبَّ إحسان قد تقدم إليك مني فكأنك قلت : قد فعلت من إحسان إليك قد تقدم .
فإن قال قائل : لِمَ لزم الصفة قيل : لأنه أبلغ في باب التقليلِ لأن رجلاً قائماً أقل من رجل وحده فخصت بذلك والله أعلم .
وكذلك لو قلتَ : رُب رجل جاهل ضربت إن جعلت : ضربتُ هو