الكاذبين مني ومنك إلا أن هذا وأفضل لا يستغني عن ( من ) فيهما لأنها توصل الأمر إلى ما بعدها وقال : وتقول : رأيته من ذلك الموضع فجعلته غاية رؤيتك كما جعلته غاية حيث أردت الإبتداء .
وأما ( إلى ) فهي للمنتهى تقول : سرت إلى موضع كذا فهي منتهى سيرك وإذا كتبت من فلان إلى فلان فهو النهاية فمن الإبتداء وإلى الإنتهاء وجائز أن تقول : سرت إلى الكوفة وقد دخلت الكوفة وجائز أن تكون بلغتها ولم تدخلها لأن ( إلى ) نهاية فهي تقع على أول الحد وجائز أن تتوغل في المكان ولكن تمتنع من مجاوزته لأن النهاية غاية قال أبو بكر : وهذا كلام يخلط معنى ( من ) بمعنى ( إلى ) فإنما ( إلى ) للغاية و ( من ) لإبتداء الغاية وحقيقة هذه المسألة : أنك إذا قلت : رأيت الهلال من موضعي ( فمن ) لك وإذا قلت : رأيت الهلال من خلال السحاب ( فمن ) للهلال والهلال غاية لرؤيتك فكذلك جعل سيبويه ( من ) غاية في قولك : رأيته من ذلك الموضع وهي عنده ابتداء غاية إذا كانت ( إلى ) معها مذكورة أو منوية فإذا استغنى الكلام عن ( إلى ) ولم يكن يقتضيها جعلها غاية ويدل على ذلك قوله : ما رأيته مذ يومين فجعلتها غاية كما قلت : أخذته من ذلك المكان فجعلته غاية ولم ترد منتهى أي : لم ترد إبتداء له منتهى .
أي : استغنى الكلام دون ذكر المنتهى وهذا المعنى أراد والله أعلم وهذه المسألة ونحوها إنما تكون في الأفعال المتعدية نحو : رأيت وسمعت وشممت وأخذت .
تقول : سمعت من بلادي الرعد من السماء ورأيت من موضعي