الأولى : حذف المبتدأ وإضماره إذا تقدم من ذكره ما يعلمه السامع فمن ذلك أن ترى جماعة يتوقعون الهلال فيقول القائل : الهلال والله أي : هذا الهلال فيحذف هذا وكذلك لو كنت منتظراً رجلاً فقيل : عمرو جاز على ما وصفت لك ومن ذلك : مررت برجل زيد لأنك لما قلت : مررت برجل أردت أن تبين من هو فكأنك قلت هو زيد وعلى هذا قوله تعالى : ( بشر من ذلكم النار ) .
الجهة الثانية : أن تحذف الخبر لعلم السامع فمن ذلك أن يقول القائل : ما بقي لكم أحد فتقول : زيد أو عمرو أي : زيد لنا ومنه لولا عبد الله لكان كذا وكذا فعبد الله مرتفع بالإبتداء والخبر محذوف وهو في مكان كذا وكذا فكأنه قال : لولا عبد الله بذلك المكان ولولا القتال كان في زمان كذا وكذا ولكن حذف حين كثر استعمالهم إياه وعرف المعنى فأما قوله : لكان ( كذا وكذا ) فحديث متعلق بحديث ( لولا ) وليس من المبتدا في شيء ومن ذلك : هل من طعام فموضع ( من طعام ) رفع كأنك قلت : هل طعام والمعنى : هل طعام في زمان أو مكان و ( من ) تزاد توكيداً مع حرف النفي وحرف الإستفهام إذا وليهما نكرة وسنذكرها في موضعها إن شاء الله .
وقد أدخلوها على الفاعل والمفعول أيضاً كما أدخلوها على المبتدأ فقالوا : ما أتاني من رجل في موضع : ما أتاني رجل . ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد ) و ( هل تحس منهم من أحد ) .
وكذلك قولك : هل من طعام وإنما هو : هل طعام فموضع ( من طعام ) رفع بالإبتداء