وموضع قولك : ( أبوه منطلق ) رفع ومعنى قولنا : الموضح أي لو وقع موقع الجملة اسم مفرد لكان مرفوعاً وقد يجوز أن يأتي مبتدأ بعد مبتدأ بعد مبتدأ وأخبار كثيرة بعد مبتدأ وهذه المبتدآت إذا كثروها فإنما هي شيء قاسه النحويون ليتدرب به المتعلمون ولا أعرف له في كلام العرب نظيراً فمن ذلك قولهم : زيد هند العمران منطلقان إليهما من أجله فزيد مبتدأ أول وهند مبتدأ ثان والعمران مبتدأ ثالث وهند وما بعدها خبر لها والعمران وما بعدهما خبر لهما وجميع ذلك خبر عن زيد والراجع الهاء في قولك من أجله والراجع إلى هند ( الهاء ) في قولك : إليها والمنطلقان هما العمران وهما الخبر عنها .
وفيهما ضميرهما فكلما سئلت عنه من هذا فهذا أصله فإذا طال الحديث عن المبتدأ كل الطول وكان فيه ما يرجع ذكره إليه جاز نحو قولك : ( عبد الله قام رجل كان يتحدث مع زيد في داره ) صار جميع هذا خبراً عن ( عبد الله ) من أجل هذه الهاء التي رجعت إليه بقولك : ( في داره ) وموضع هذا الجملة كلها رفع من أجل أنك لو وضعت موضعها ( منطلقاً ) وما أشبهه ما كان إلا رفعاً فقد بان من جميع ما ذكرنا أنه قد يقع في خبر المبتدأ أحد أربعة أشياء الإسم أو الفعل أو الظرف أو الجملة .
واعلم أن المبتدأ أو الخبر من جهة معرفتهما أو نكرتهما أربعة : الأول : أي يكون المبتدأ معرفة والخبر نكرة نحو : عمرو منطلق وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه الكلام .
الثاني : أن يكون المبتدأ معرفة والخبر معرفة نحو : زيد أخوك وأنت