ذلك إختلافهم في الإسم المنادى إذا لحقه التنوين اضطراراً في الشعر فإن الأولين يؤثرون رفعه أيضاً ويقولون : هو بمنزلة مرفوع لا ينصرف يلحقه التنوين فيبقى على لفظه وأبو عمرو بن العلاء وأصحابه يلزمون النصب ويقولون هو بمنزلة قولك : مررت بعثمان يا فتى فإذا لحقه التنوين رجع إلى الخفض .
فإن كان المنادى مبهماً فحكمه حكم غيره إلا أنه يوصف بالرجل وما أشبهه من الأجناس وتقول : يا أيها الرجل أقبل فيكون ( أي ) ورجل كاسم واحد ( فأي ) مدعو والرجل نعت له ولا يجوز أن يفارقه نعته لأن ( أياً ) اسم مبهم ولا يستعمل إلا بصلة إلا في الجزاء والإستفهام فلما لم يوصل أُلزم الصفة لتبينه كما كانت تبينه الصلة .
و ( ها ) تبينه وكذلك إذا قلت : يا هذا الرجل فإذا قلت : يا أيها الرجل لم يصلح في ( الرجل ) إلا الرفع لأنه المنادى في الحقيقة و ( أي ) مبهم متوصل إليه به .
وكذلك : يا هذا الرجل إذا جعلت هذا سبباً إلى نداء الرجل ولك أن تقيم الصفة مقام الموصوف فتقول : يا أيها الطويل ويا هذا القصير كقوله تعالى : ( قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ) فإن قدرت الوقف على هذا ولم تجعله وصلة إلى الصفة وكان مستغنياً بإفرادهِ كنت في صفته بالخيار : إن شئت رفعت وإن شئت نصبت كما كان ذلك في نعت زيد فقلت : يا هذا الطويلُ والطويلَ .
وأما ( أي ) فلا يجوز في وصفها النصب لأنها لا تستعمل مفردة فإن وصفتَ الصفةَ بمضافٍ فهو مرفوع لأنك إنما تنصب صفة المنادى فقط .
قال الشاعر : .
( يا أيُّها الجَاهِلُ ذو التَّنَزِّي ... )