( فُعِيَّلَةٌ ) مثلُ ( مُرِيَّقةٍ ) وكانَ الأصلُ ( عُلْيُوَة ) فأبدلتِ الواوُ ياءً وأُدغمتِ الياءُ فِيَها وكذلكَ كُلٌّ ياءٍ ساكنةٍ بعدَها واوٌ تقلبُ لَها ياءٌ وتدغمُ فيها وقَد مضَى ذِكرُ هذَا في الكتابِ .
ومِنَ ذلكَ قولهُم : لا أَدرِ ولَم يكُ ولَم أبلِ وجميعُ هذهِ إنّما حذفتْ لكثرةِ استعمالِهم إيّاها في كلامِهم وإنّما كثر استعمالُهم لهذهِ الأَحرفِ للحاجةِ إلى معانِيها كثيراً لأَنَّ : لا أَدري أَصلٌ في الجهالاتِ ويكونُ عبارةٌ عن الزمانِ ولَم أَبلِ مستعملةٌ فيما لا يكترثُ بهِ وهذهِ أَحوالٌ تكثُر فيجبُ أن تكثَر الألفاظ التي يعبرُ بهنَّ عنْها وليسَ كُلُّ ما كثر استعمالهُ حُذِفُ فأَصلُ لا أَدرِ : لا أَدري وكانَ حَقُّ هذهِ الياءِ أَنْ لا تُحذفَ إلاّ لجزمٍ فحذفتْ لكثرةِ الإستعمالِ وحَقُّ لم يكُ : لم يكنْ وكانَ أَصلُ الكلمةِ قبلَ الجزمِ ( يكونُ ) فلمَّا دخلتْ عليها ( لَم ) فجزمتَها سكنتِ النونُ فالتقى ساكنانِ لأَنَّ الواوَ ساكنةٌ فحذفتِ الواوِ لإلتقاءِ الساكنينِ فوجبَ أَنْ تقولُ : لم يكنْ فلمَّا كثرَ استعمالُها وكانتِ النونُ قد تكونُ زائدةً وإعراباً في بعض المواضع شبهت هذه بها وحذفت هنا كما تحذف في غير هذا الموضع وأَمَّا : لَم أَبل فحقهُ أَنْ تقولَ : لم أُبالِ كَما تقولُ لَم أِرامِ يَا هذَا فحُذفتِ الأَلفُ لغيرِ شيءٍ أَوجبَ ذلكَ إلاَّ ما يؤثرونَهُ مِنَ الحذفِ في بعضِ ما يكثُر استعمالُه وليسَ هذَا مما يُقاسُ عليهِ .
وزَعَم الخليلُ : أَنَّ نَاساً مِنَ العربَ يقولونَ : لَم أُبَلِهِ لا يزيدونَ على حذفِ الألفِ كما حذفوا : عُلَّبِطٍ وكذلكَ يفعلونَ في المصدرِ فيقولونَ :