هو بمنزلة سائر الصور في موادها الجوهرية بل هو حقيقة قائمة بنفسها ! وليس لكل حقيقة نظير مطابق من كل وجه .
وإذا قالوا هذا شعر لبيد فانما يشيرون إلى اللفظ والمعنى جميعا ثم مع هذا لو قال القائل أنا أنشأت لفظ هذا الشعر أو هذا اللفظ من انشائي أو لفظي بهذا الشعر من إنشائي لكذبة الناس كلهم وقالوا له بل أنت رويته وأنشدته أما أن تكون أحدثت لفظه أو هو محدث البارحة بلفظك أو لفظك به محدث البارحة كذب لأن لفظ هذا الشعر موجود من دهر طويل وان كنت أنت أديته بحركتك وصوتك فالحركة والصوت أمر طبيعي يشركك فيه الحيوان ناطقه وأعجمه فليس لك فيه حظ من حيث هو الكلام ولا من حيث هو كلام ذلك الشاعر إذ كونه كلاما أو كلاما لمتكلم هو مما يختص به المتكلم إنما أديته بآله يشركك فيها العجماوات والجمادات لكن الحمد لله الذى جعل لك من العقل والتمييز ما تهتدى به ويسير به لسانك ولم يجعل ذلك للعجماوات فجعل فعلك وصفتك تعينك على عقل الكلام والتكلم به ولم يجعل فعل العجم وصفتها كذلك .
فاذا كان هذا في مخلوق بلغ كلام مخلوق مثله فكيف الظن بكلام الخالق جل جلاله الذي فضله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه