أن يكون قد أعيد الأول ليس الجسد الثانى مباينا للأول من كل و جه كما زعم بعضهم و لا أن النشأة الثانية كالأولى من كل و جه كما ظن بعضهم و كما إنه سبحانه خلق الإنسان و لم يكن شيئا كذلك يعيده بعد أن لم يكن شيئا و على هذا فالإنسان الذي صار ترابا و نبت من ذلك التراب نبات آخر أكله إنسان آخر و هلم جرا و الإنسان الذي أكله إنسان أو حيوان و أكل ذلك الحيوان إنسانا آخر ففي هذا كله قد عدم هذا الإنسان و هذا الإنسان و صار كل منهما ترابا كما كان قبل أن يخلق ثم يعاد هذا و يعاد هذا من التراب و إنما يبقى عجب الذنب منه خلق و منه يركب .
.
و أما سائره فعدم فيعاد من المادة التى إستحال إليها فإذا إستحال فى القبر الواحد ألف ميت و صاروا كلهم ترابا فإنهم يعادون و يقومون من ذلك القبر و ينشئهم الله تعالى بعد أن كانوا عدما محضا كما أنشأهم أولا بعد أن كانوا عدما محضا و إذا صار ألف إنسان ترابا فى قبر أنشأ هؤلاء من ذلك القبر من غير أن يحتاج أن يخلقهم كما خلقهم في النشأة الأولى التى خلقهم منها من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة و جعل نشأتهم بما يستحيل إلى أبدانهم من الطعام و الشراب كما يستحيل إلى بدن أحدهم ما يأكله من نبات و حيوان و كذلك لو أكل إنسانا أو أكل حيوانا قد أكل إنسانا فالنشأة