فإن الحكمة إقتضت تأخير نزوله فيعوضهم بمثله أو خير منه فى ذلك الوقت إلى أن يجيء و قت نزوله فينزله أيضا مع ما تقدم و يكون ما عوضه مثله أو خيرا منه قبل نزوله و أما ما أنزله إليهم و لم ينسخه فهذا لا يحتاج إلى بدل و لو كان كل ما لم ينسخه الله يأت بخير منه أو مثله لزم إنزال ما لا نهاية له .
و كذلك إن قدر أن المراد يؤخر نسخه إلى و قت ثم ينسخه فإنه ما دام عندهم لم يحتج إلى بدل يكون مثله أو خيرا منه و إنما البدل لما ليس عندهم مما أنسوه أو أخر نزوله فلم ينزله بعد و لهذا لم يجعل البدل لكل ما لم ينزله بل لما نسأه فأخر نزوله إذ لو كان كل ما لم ينزل يكون له بدل لزم إنزال ما لا نهاية به بل ما كان يعلم أنه سينزله و قد آخر نزوله يكونون فاقديه إلى حين ينزل كما يفقدون ما نزل ثم نسخ فيجعل سبحانه لهذا بدلا و لهذا بدلا و أما ما أنزله و أقره عندهم و أخر نسخه إلى و قت فهذا لا يحتاج إلى بدل فإنه نفسه باق و لو كان هذا مرادا لكان كل قرآن قد نسخه يجب أن ينزل قبل نسخه ما هو مثله أو خير منه ثم إذا نسخه ياتى بخير منه أو مثله فيكون لكل منسوخ بدلان بدل قبل نسخه و بدل بعد نسخه و البدل الذي قبل نسخه لا إبتداء لنزوله فيجب أن ينزل من أول الأمر فيلزم نزول ذلك كله فى أول الوحي و هذا باطل