ما أحل الله لكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ^ ( فنهاهم عن تحريم الطيبات كما كان طائفة من الصحابة قد عزموا على الترهب فأنزل الله هذه الآية و فى الصحيحين أن رجالا من الصحابة قال أحدهم أما أنا فأصوم لا أفطر و قال آخر أما انا فأقوم لا أنام و قال آخر أما أنا فلا أقرب النساء و قال آخر أما أنا فلا آكل اللحم فقال النبى صلى الله عليه و سلم ( ما بال رجال يقول أحدهم كذا و كذا لكني أصوم و أفطر و أقوم و أنام و أتزوج النساء و آكل اللحم فمن رغب عن سنتى فليس مني ( و لبسط هذه الأمور موضع آخر .
والمقصود هنا أن الله بين في كتابه و على لسان رسوله حكمته فى خلقه و أمره كقوله ( ^ و لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيلا ^ ( فعلل التحريم بأنها فاحشة بدون النهي و أن ذلك علة للنهي عنها و قوله ( ^ و إذا فعلوا فاحشة قالوا و جدنا عليها آباءنا و الله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ^ ( فذكر براءته من هذا على و جه المدح له بذلك و تنزيهه عن ذلك فدل على أن من الأمور ما لا يجوز أن يضاف إلى الله الأمر به ليست الأشياء كلها مستوية في أنفسها و لا عنده و أنه لا يخصص المأمور على المحظور لمجرد التحكم بل يخصص المأمور بالأمر و المحظور بالحظر لما إقتضته حكمته