.
وكذلك فى موضع آخر لما قال ( ^ فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما و جدنا فيها غير بيت من المسلمين و تركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ^ ( و قال فى سفينة نوح ( ^ و لقد تركناها آية فهل من مدكر ^ ( فأخبر أنه أبقى آيات و هي العلامات و الدلالات فدل ذلك على أن ما يخصه من أخبار المؤمنين و حسن عاقبتهم فى الدنيا و أخبار الكفار و سوء عاقبتهم فى الدنيا هو من باب الآيات و الدلالات التى يستدل بها و يعتبر بها علما و وعظا فيفيد معرفة صحة ما أخبرت به الرسل و يفيد الترغيب و الترهيب و يدل ذلك على أن الله يرضي عن أهل طاعته و يكرمهم و يغضب على أهل معصيته و يعاقبهم كما يستدل بمخلوقاته العامة على قدرته فإن الفعل يستلزم قدرة الفاعل [ و يستدل ] بأحكام الأفعال على علمه لأن الفعل المحكم يستلزم علم الفاعل و بالتخصيص على مشيئته لأن التخصيص مستلزم لإرادته فكذلك يستدل بالتخصيص بما هو أحمد عاقبة على حكمته لأن تخصيص الفعل بما هو محمود فى العاقبة مستلزم للحكمة و يستدل بتخصيص الأنبياء و إتباعهم بالنصر و حسن العاقبة و تخصيص مكذبيهم بالخزي و سوء العاقبة على أنه يأمر و يحب و يرضي ما جاءت به الأنبياء و يكره و يسخط ما كان عليه مكذبوهم لأن تخصيص أحد النوعين بالإكرام و النجاة و الذكر الحسن و الدعاء و تخصيص الآخر بالعذاب و الهلاك و قبح الذكر و اللعنة يستلزم محبة ما فعله الصنف الأول و بغض ما فعله الصنف الثانى