.
و قوله ( و لا أنتم عابدون ما أعبد ( نفي العبادة مطلقا ليس هو نفي لما قد يسمى عبادة مع التقييد و المشرك إذا كان يعبد الله و يعبد غيره فيقال إنه يعبد الله و غيره أو يعبده مشركا به لا يقال إنه يعبد مطلقا و المعطل الذي لا يعبد شيئا شر منه و العبادة المطلقة المعتدلة هي المقبولة و عبادة المشرك ليست مقبولة .
مما يوضح هذا قوله ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ( الآية قالوا فيها ( نعبد إلهك و إله آبائك ( ثم قالوا ( إلها واحدا ( فهذا بدل من الأول في أظهر الوجهين فإن النكرة تبدل من المعرفة كما فى قوله ( لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة ( فذكرت معرفة و موصوفة كذلك قالوا ( نعبد إلهك ( فعرفوه ثم قالوا ( إلها و احدا ( فوصفوه و البدل في حكم تكرير العامل أحيانا كما في قوله ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم ( فالتقدير نعبد إلهك نعبد إلها و احدا و نحن له مسلمون فجمعوا بين الخبرين بأمرين بأنهم يعبدون إلهه و أنهم إنما يعبدون إلها و احدا فمن عبد إلهين لم يكن عابدا لإلهه و إله آبائه و إنما يعبد إلهه من عبد إلها و احدا .
و لو كان من عبد الله و عبد معه غيره عابدا له لكانت عبادته نوعين عبادة إشراك و عبادة إخلاص و إذا كان كذلك لم يكن