.
و لهذا جاء كتاب الله جامعا كما قال صلى الله عليه و سلم ( أعطيت جوامع الكلم ( و قال تعالى ( كتابا متشابها مثاني ( فالتشابه يكون فى الأمثال و المثاني فى الأقسام فإن التثنية فى مطلق التعديد كما قد قيل فى قوله ( إرجع البصر كرتين ( و كما فى قول حذيفة ( كنا نقول بين السجدتين رب إغفر لي رب إغفر لي ( و كا يقال فعلت هذا مرة بعد مرة فتثنية اللفظ يراد به التعديد لأن العدد ما زاد على الواحد و هو أول التثنية و كذلك ثنيت الثوب أعم من أن يكون مرتين فقط أو مطلق العدد فهو جميعه متشابه يصدق بعضه بعضا ليس مختلفا بل كل خبر و أمر منه يشابه الخبر لإتحاد مقصود الأمرين و لإتحاد الحقيقة التى إليها مرجع الموجودات .
فلما كانت الحقائق المقصودة و الموجودة ترجع إلى أصل و احد و هو الله سبحانه كان الكلام الحق فيها خبرا و أمرا متشابها ليس بمنزلة المختلف المتناقض كما يوجد فى كلام أكثر البشر و المصنفون الكبار منهم يقولون شيئا ثم ينقضونه و هو جميعه مثانى لأنه إستوفيت فيه الأقسام المختلفة فإن الله يقول ( و من كل شيء خلقنا زوجين ( فذكر الزوجين مثاني و الإخبار عن الحقائق بما هي عليه بحيث يحكم على الشيء بحكم نظيره و هو حكم على المعنى الواحد المشترك خبرا أو طلبا خطاب متشابه فهو متشابه مثاني