لهم مأخذ آخر ليس مأخذهم أمر الصفات .
الوجه الثالث أنه قد كان ألهم الفجور و التقوى و هو خالق فعل العبد فلابد أن يعلم ما خلقه قبل أن يخلقه كما قال ( ألا يعلم من خلق ( لأن الفاعل المختار يريد ما يفعله و الإرادة مستلزمة لتصور المراد و ذلك هو العلم بالمراد المفعول .
و إذا كان خلقه للشيء مستلزما لعلمه به فذلك أصل القدر السابق و ما علمه الله سبحانه بقوله و بكتبه فلا نزاع فيه و هذا بين في جميع الأشياء في هذا و غيره .
فإنه سبحانه إذا ألهم الفجور و التقوى فالملهم أن [ لم ] يميز بين الفجور و التقوى و يعلم أن هذا الفعل الذي يريد أن يفعله هذا فجور و الذي يريد أن يفعله هذا تقوى لم يصح منه إلهام الفجور و التقوى .
فظهر بهذا حسن ما ذكره النبى صلى الله عليه و سلم من تصديق الآية لما أخبر به النبى صلى الله عليه و سلم من القدر السابق .
و قوله سبحانه ( فألهمها فجورها و تقواها ( كما يدل على القدر فيدل على الشرع فإنه لو قال ( فألهمها أفعالها ( كما يقول الناس