بمحرم يسكن بلاؤه بل ذلك يوجب له إنزعاجا عظيما وزيادة فى البلاء والمرض فى المآل فإنه وإن سكن بلاؤه وهدأ ما به عقيب إستمتاعه أعقبه ذلك مرضا عظيما عسيرا لا يتخلص منه بل الواجب دفع أعظم الضررين بإحتمال أدناهما قبل إستحكام الداء الذى ترامى به إلى الهلاك والعطب ومن المعلوم أن ألم العلاج النافع ايسر وأخف من الم المرض الباقى .
وبهذا يتبين أن العقوبات الشرعية كلها أدوية نافعة يصلح الله بها مرض القلوب وهى من رحمة الله بعباده ورأفته بهم الداخلة فى قوله تعالى ! 2 < وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين > 2 ! فمن ترك هذه الرحمة النافعة لرأفة يجدها بالمريض فهو الذى اعان على عذابه وهلاكه وإن كان لا يريد إلا الخير إذ هو فى ذلك جاهل أحمق كما يفعله بعض النساء والرجال الجهال بمرضاهم وبمن يربونه من أولادهم وغلمانهم وغيرهم فى ترك تأديبهم وعقوبتهم على ما يأتونه من الشر ويتركونه من الخير رأفة بهم فيكون ذلك بسبب فسادهم وعداوتهم وهلاكهم .
ومن الناس من تأخذه الرأفة بهم لمشاركته لهم فى ذلك المرض وذوقه ما ذاقوه من قوة الشهوة وبرودة القلب والدياثة فيترك ما أمر الله به من العقوبة وهو فى ذلك من أظلم الناس وأديثهم فى حق نفسه ونظرائه وهو بمنزلة جماعة من المرضى قد وصف لهم الطبيب ما ينفعهم