.
وأماالانسان فى نفسه فلايحل له أن يفعل الذي يعلم أنه محرم لظنه أنه يعينه على طاعة الله فان هذا لايكون إلامفسدة أو مفسدته راجحة على مصلحته وقد تنقلب تلك الطاعة مفسدة فان الشارع حكيم فلو علم أن فى ذلك مصلحة لم يحرمه لكن قد يفعل الانسان المحرم ثم يتوب وتكون مصلحته أنه يتوب منه ويحصل له بالتوبة خشوع ورقة وإنابة إلى الله تعالى فان الذنوب قد يكون فيها مصلحة مع التوبة منها فان الانسان قد يحصل له ( بعدم ) الذنوب كبر وعجب وقسوة فإذا وقع فى ذنب أذله ذلك وكسر قلبه ولين قلبه بما يحصل له من التوبة .
ولهذا قال سعيد بن جبير إن العبد ليعمل الحسنة فيدخل بها النار ويفعل السيئة فيدخل بها الجنة وهذا هو الحكمة فى ابتلاء من ابتلى بالذنوب من الأنبياء والصالحين وأما بدون التوبة فلا يكون المحرم إلا مفسدته راجحة فليس للانسان أن يعتقد حل ما يعلم أن الله حرمه قطعا وليس له أن يفعله قطعا فان غلبته نفسه وشيطانه فوقع فيه تاب منه فان تاب فصار بالتوبة خيرا مما كان قبله فهذا من رحمة الله به حين تاب عليه وإلا فلو لم يتب لفسد حاله بالذنب وليس له أن يقول أنا أفعل ثم اتوب ولا يبيح الشارع له ذلك لأنه بمنزلة من يقول أنا أطعم نفسي ما يمرضني ثم أتداوى أو آكل السم ثم اشرب الترياق