إذا المؤثر التام المستلزم لجميع شروط التأثير لا يتخلف عنه اثره إذ لو تخلف لم يكن موثرا تاما فوجود الاثر يستلزم وجود المؤثر التام ووجود المؤثر التام يستلزم وجود الأثر فليس فى الأزل مؤثر تام فليس مع الله شىء من مخلوقاته قديم بقدمه والأزل ليس هو حدا محدودا ولا وقتا معينا بل كل ما يقدره العقل من الغاية التى ينتهى اليها فالأزل قبل ذلك كما هو قبل ما قدره فالأزل لا أول له كما ان الأبد لا آخر له .
وفى الحديث الصحيح عن النبى انه كان يقول ( انت الأول فليس قبلك شىءوأنت الآخر فليس بعدك شىء ( فلو قيل انه مؤثر تام فى الأزل لشىء من الأشياء لزم أن يكون مقارنا له دائما وذلك ينافى كونه مفعولا له وانما يصح مثل هذا فى الصفة اللازمة للموصوف فانه اذا قيل الذات مقتض تام للصفة كان المعنى أن الذات مستلزمة للصفة ليس المراد بذلك ان الذات مبدعة للصفة فانه إذا تصور معنى المبدع امتنع فى المقارن بصريح المعقول سواء سمى علة فاعلة أو خالقا أو غير ذلك وامتنع ان يقوم بالأثر شىء من الحوادث لأن كل حادث يحدث لا يحدث إلا إذا وجد مؤثره التام عند حدوثه وان كانت ذات المؤثر موجودة قبل ذلك لكان لابد من كمال وجود شروط التأثير عند وجود الأثر