.
ومن تدبر القرآن تبين له أن عامة ما يذكره الله في خلق الكفر و المعاصي يجعله جزاء لذلك العمل كقوله تعالى ^ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ^ و قال تعالى ! 2 < فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم > 2 ! و قال تعالى ^ و أما من بخل و استغنى و كذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ^ .
وهذا و أمثاله بذلوا فيه أعمالا عاقبهم بها على فعل محظور و ترك مأمور .
وتلك الأمور إنما كانت منهم و خلقت فيهم لكونهم لم يفعلوا ما خلقوا له و لابد لهم من حركة و إرادة فلما لم يتحركوا بالحسنات حركوا بالسيئات عدلا من الله حيث وضع ذلك موضعه فى محله القابل له و هو القلب الذي لا يكون الا عاملا فاذا لم يعمل الحسنة استعمل فى عمل السيئة كما قيل نفسك إن لم تشغلها شغلتك .
وهذا الوجه إذا حقق يقطع مادة كلام القدرية المكذبة و المجبرة الذين يقولون إن أفعال العباد ليست مخلوقة لله و يجعلون خلقها و التعذيب عليها ظلما و الذين يقولون إنه خلق كفر الكافرين و معصيتهم و عاقبهم على ذلك لا لسبب و لا لحكمة