وهذا كما أنه حرم على بنى إسرائيل طيبات احلت لهم لأجل ظلمهم و بغيهم فشريعة محمد لاتنسخ و لا تعاقب امته كلها بهذا و لكن قد تعاقب ظلمتهم بهذا بان يحرموا الطيبات أو بتحريم الطيبات إما تحريما كونيا بان لا يوجد غيثهم و تهلك ثمارهم و تقطع الميرة عنهم أو أنهم لا يجدون لذة مأكل و لا مشرب و لا منكح و لا ملبس و نحوه كما كانوا يجدونها قبل ذلك و تسلط عليهم الغصص و ما ينغص ذلك و يعوقه و يجرعون غصص المال و الولد و الأهل و كما قال تعالى ^ و لا تعجبك أموالهم و لا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا ^ و قال ^ ايحسبون ان ما نمدهم به من مال و بنين نسارع لهم فى الخيرات بل لا يشعرون ^ و قال ^ إنما اموالكم و اولادكم فتنة ) فيكون هذا كابتلا أهل السبت بالحيتان واما ان يعاقبوا باعتقاد تحريم ما هو طيب حلال لخفاء تحليل الله و رسوله عندهم كما قد فعل ذلك كثير من الأمة اعتقدوا تحريم اشياء فروج عليهم بما يقعون فيه من الايمان و الطلاق و ان كان الله و رسوله لم يحرم ذلك لكن لما ظنوا انها محرمة عليهم عوقبوا بحرمان العلم الذي يعلمون به الحل فصارت محرمة عليهم تحريما كونيا و تحريما شرعيا فى ظاهر الأمر فان المجتهد عليه أن يقول ما أدى اليه اجتهاده فإذا لم يؤد اجتهاده إلا إلى تحريم هذه الطيبات لعجزه عن معرفة