بجواز الأمر لكل شيء لكن يجعل من باب الابتلاء و الامتحان فإذا فعل صار العبد به مطيعا كنهيهم عن الشرب إلا من اغترف غرفة بيده .
والتحقيق أن الأمر الذي هو ابتلاء و امتحان يحض عليه من غير منفعة فى الفعل متى اعتقده العبد و عزم على الامتثال حصل المقصود و ان لم يفعله كابراهيم لما أمر بذبح ابنه و كحديث أقرع و ابرص و أعمى لما طلب منهم اعطاء ابن السبيل فامتنع الأبرص و الأقرع فسلبا النعمة و اما الأعمى فبذل المطلوب فقيل له امسك مالك فانما ابتليتم فقد رضي عنك و سخط على صاحبيك و هذا هو الحكمة الناشئة من نفس الأمر و النهي لا من نفس الفعل فقد يؤمر العبد و ينهى و تكون الحكمة طاعته للأمر و انقياده له و بذله للمطلوب كما كان المطلوب من ابراهيم تقديم حب الله على حبه لابنه حتى تتم خلته به قبل ذبح هذا المحبوب لله فلما أقدم عليه و قوى عزمه بارادته لذلك تحقق بان الله أحب إليه من الولد و غيره و لم يبق فى قلبه محبوب يزاحم محبة الله .
وكذلك أصحاب طالوت ابتلوا بالامتناع من الشرب ليحصل من ايمانهم و طاعتهم ما تحصل به الموافقة و الابتلاء ههنا كان بنهي لابأمر و أما رمي الجمار و السعي بين الصفا و المروة فالفعل فى نفسه مقصود لما تضمنه من ذكر الله