يقتضي ذلك فاقتضت الآية انما كلفهم به مقدور لهم من غير عسر لهم و لا ضيق و لا حرج بخلاف مايقدر عليه الشخص فإنه قد يكون مقدورا له و لكن فيه ضيق و حرج عليه و أما وسعه الذي هو منه فى سعة فهو دون مدى الطاقة و المجهود بل لنفسه فيه مجال و متسع و ذلك مناف للضيق و الحرج ( و ما جعل عليكم فى الدين من حرج ) بل ^ يريد بكم اليسر و لا يريد بكم العسر ^ قال سفيان بن عيينة في قوله ^ إلا و سعها ^ الا يسرها لا عسرها و لم يكلفها طاقتها و لو كلفها طاقتها لبلغ المجهود .
فهذا فهم أئمة الاسلام و أين هذا من قول من قال أنه كلفهم مالا يطيقونه البتة لا قدرة لهم عليه ثم أخبر تعالى أن ثمرة هذا التكليف و غايته عائدة عليهم و أنه تعالى يتعالى عن انتفاعه بكسبهم و تضرره باكتسابهم بل لهم كسبهم و نفعه و عليهم اكتسابهم و ضرره فلم يأمرهم بما أمرهم به حاجة منه إليهم بل رحمة و إحسانا و تكرما و لم ينههم عما نهاهم عنه بخلا منه عليهم بل حمية و حفظا و صيانة و عافية .
وفيه أيضا أن نفسا لا تعذب باكتساب غيرها و لاتثاب بكسبه ففيه معنى قوله ( وان ليس للانسان إلا ما سعى ) ( و لا تزر و ازرة و زر أخرى )