الناس حتى يجوزوا أنه يعذب على الأمر اليسير من السيئات مع كثرة الحسنات و عظمها و أن الرجلين اللذين لهما حسنات و سيئات يغفر لأحدهما مع كثرة سيئاته و قلة حسناته و يعاقب الآخر على السيئة الواحدة مع كثرة حسناته و يجعل درجة ذاك فى الجنة فوق درجة الثاني .
هؤلاء يجوزون أن يعذب الله الناس بلا ذنب و أن يكلفهم مالا يطيقون و يعذبهم على تركه و الصحابة إنما هربوا و خافوا أن يكون الأمر من هذا الجنس فقالوا لا طاقة لنا بهذا فانه إن كلفنا مالانطيق عذبنا فنسخ الله هذا الظن و بين أنه لا يكلف نفسا الا و سعها و بين بطلان قول هؤلاء الذين يقولون أنه يكلف العبد مالا يطيقه و يعذبه عليه و هذا القول لم يعرف عن أحد من السلف و الأئمة بل أقوالهم تناقض ذلك حتى أن سفيان بن عيينة سئل عن قوله ^ لايكلف الله نفسا إلا وسعها ^ قال إلا يسرها و لم يكلفها طاقتها قال البغوى و هذا قول حسن لأن الوسع ما دون الطاقة و إنما قاله طائفة من المتأخرين لما ناظروا المعتزلة في ( مسائل القدر ( و سلك هؤلاء مسلك الجبر جهم و اتباعه فقالوا هذا القول و صاروا فيه على مراتب و قد بسط هذا فى غير هذا الموضع .
قال ابن الأنباري في قوله ^ و لا تحملنا ما لاطاقة لنا به ^ أي لا تحملنا ما يثقل علينا أداؤه و ان كنا مطيقين له على تجشم