وما نهى عنه و إلى أن يحصل له إرادة جازمة لفعل المأمور و كراهة جازمة لترك المحظور فهذا العلم المفصل و الارادة المفصلة لا يتصور أن تحصل للعبد فى وقت واحد بل كل و قت يحتاج إلى أن يجعل الله فى قلبه من العلوم و الارادات ما يهتدى به في ذلك الصراط المستقيم .
نعم حصل له هدى مجمل بأن القرآن حق و الرسول حق و دين الإسلام حق و ذلك حق و لكن هذا المجمل لا يغنيه أن لم يحصل له هدى مفصل في كل ما يأتيه و يذره من الجزئيات التى يحار فيها أكثر عقول الخلق و يغلب الهوى و الشهوات أكثر عقولهم لغلبة الشهوات و الشبهات عليهم .
والانسان خلق ظلوما جهولا فالأصل فيه عدم العلم و ميله الى ما يهواه من الشر فيحتاج دائما إلى علم مفصل يزول به جهله و عدل فى محبته و بغضه و رضاه و غضبه و فعله و تركه و اعطائه و منعه و أكله و شربه و نومه و يقظته فكل ما يقوله و يعمله يحتاج فيه الى علم ينافى جهله و عدل ينافى ظلمه فإن لم يمن الله عليه بالعلم المفصل و العدل المفصل و إلا كان فيه من الجهل و الظلم ما يخرج به عن الصراط المستقيم و قد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه و سلم بعد صلح الحديبية و بيعة الرضوان ( انا فتحنا لك فتحا مبينا ) إلى قوله تعالى ^ و يهديك صراطا