كان قد يعرض له أحيانا الاعراض عن ربه و الاستكبار فلابد له عند التحقيق من الخضوع و الذل له لكن المؤمن يسلم له طوعا فيحبه و يطيع أمره و الكافر إنما يخضع له عند رغبة و رهبة فإذا زال عنه ذلك أعرض عن ربه كما قال ( وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه ) و قال ( و إذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلاإياه فلما نجاكم الى البر أعرضتم و كان الانسان كفورا ) .
وفقر المخلوق و عبوديته أمر ذاتي له لا وجود له بدون ذلك و الحاجة ضرورية لكل المصنوعات المخلوقات و بذلك هي أنها لخالقها و فاطرها إذ لاقيام لها بدونه و إنما يفترق الناس فى شهود هذا الفقر و الاضطرار و عزوبه عن قلوبهم .
و ( أيضا ( فالعبد يفتقر إلى الله من جهة أنه معبوده الذي يحبه حب إجلال و تعظيم فهو غاية مطلوبه و مراده و منتهى همته و لا صلاح له إلا بهذا و أصل الحركات الحب و الذي يستحق المحبة لذاته هو الله فكل من أحب مع الله شيئا فهو مشرك و حبه فساد و إنما الحب الصالح النافع حب الله و الحب لله و الانسان فقير إلى الله من جهة عبادته له و من جهة استعانته به للاستسلام والانقياد لمن أنت إليه فقير و هو ربك و إلهك