.
فهذا الشر المو جو د الخاص المقيد سببه إما عدم و إما وجود فالعدم مثل عدم شرط أو جزء سبب إذ لا يكون سببه عدما محضا فإن العدم المحض لايكون سببا تاما لوجود و لكن يكون سبب الخير و اللذة قد انعقد و لا يحصل الشرط فيقع الألم و ذلك مثل عدم فعل الواجبات الذي هو سبب الذم و العقاب و مثل عدم العلم الذي هو سبب ألم الجهل و عدم السمع و البصر و النطق الذي هو سبب الألم بالعمى و الصمم و البكم و عدم الصحة و القوة الذي هو سبب الألم و المرض و الضعف .
فهذه المواضع ونحوها يكون الشر ايضا مضافا إلى العدم المضاف إلى العبد حتى يتحقق قول الخليل ^ و إذا مرضت فهو يشفين ^ فإن المرض و إن كان ألما موجودا فسببه ضعف القوة و انتفاء الصحة الموجودة و ذلك عدم هو من الانسان المعدوم بنفسه و لا يتحقق قول الحق ( و ما أصابك من سيئة فمن نفسك ) و قوله ! 2 < قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم > 2 ! و نحو ذلك فيما كان سببه عدم فعل الواجب و كذلك قول الصحابي و إن يكن خطأ فمني و من الشيطان .
يبين ذلك أن المحرمات جميعها من الكفر و الفسوق و العصيان إنما يفعلها العبد لجهله أو لحاجته فإنه إذا كان عالما بمضرتها و هو غني عنها امتنع أن يفعلها و الجهل أصله عدم و الحاجة أصلها العدم