وأي فائدة من هذا الحديث إذا كانت الأرواح أجساما ويكون إثبات ما تدعيه إلى استحالة الحديث وتناقض قول الصادق فكأنه يقول خلق الله الأجسام قبل خلقها بألفي عام والشيء الذي يخلق قبل خلقه لا يعقل لأن الأجسام إن كانت تسمى أرواحا فمعنى الحديث هذا خلق الأجسام قبل الأجسام وهو خلق الشيء قبل ذاته وهذا خرق من قائله وفساد من مصوره فلا بد أن يكون للخبر معنى يدرك وفائدة تعقل والحاصل منه التفرقة بين الأرواح والأجسام فالروح إذا لا جسم بشهادة الشرع وإذا كان الجسم هو الملتئم من جوهرين فصاعدا وهي غير الجسم فمن الأحرى أن تكون غير جوهر وإذا لم تكن جوهرا ولا جسما استحال أيضا أن تكون عرضا لما كانت الأعراض لا تثبت ولا توجد إلا مع الأجسام والجواهر وقد بطل حكم الجسم والجوهر والعرض فبطل التركيب والمماسة والمجاورة والاتصال والانفصال .
فإن أطلق عليها أنها مواصلة للبدن او مفاصلة بالموت فإطلاق صحيح على الوجه الذي يليق به وهو مواصلة التدبير ومفارقته بتعاصي الآلات بالموت من قبول التدبير .
وإذا انتفى عنها الجوهرية والجسمية والعرضية انتفت عنها بالضرورة العقلية جميع صفات الأجسام والجواهر والأعراض من فوق وتحت وأمام ووراء وحذاء ويمين ويسار وفي وإلى وعلى وعند والحركة والسكون والظهور والكمون والمساحة والمقدار والكيف والأين وكل ما يجري على الجواهر والأجسام من الأوصاف فما أطلق عليها بعد ذلك لضرورة