تفعله الجوارح والدليل على هذا ما سنذكره في أعيان الحوادث من تسمية الصحابة رضى الله عنهم وكافة العلماء بدعا للأقوال والأفعال .
قلت وقد غلب لفظ البدعة على الحدث المكروه في الدين مهما أطلق هذا اللفظ ومثله لفظ المبتدع لا يكاد يستعمل إلا في الذم وأما من حيث أصل الاشتقاق فإنه يقال ذلك في المدح والذم المراد أنه شيء مخترع على غير مثال سبق ولهذا يقال في الشيء الفائق جمالا وجوده ما هو إلا بدعة وقال الجوهري في كتاب صحاح اللغة والبديع والمبتدع ايضا والبدعة الحدث في الدين بعد الإكمال .
قلت وهو ما لم يكن في عصر النبي مما فعله أو أقر عليه أو علم مع قواعد شريعته الإذن فيه وعدم النكير عليه نحو ما سنشرحه في الفصل الآتي عقيب هذا الفصل وفي معنى ذلك ما كان في عصر الصحابه رضى الله عنهم مما أجمعوا عليه قولا أو فعلا أو تقريرا وكذلك ما اختلفوا فيه فإن أختلافهم فيه رحمه مهما كان للاجتهاد والتردد مساغ وليس لغيرهم إلا إلاتباع دون الإبتداع وما أحسن ما قاله إبراهيم النخعي C عليه ما أعطاكم الله خيرا أخبيء عنهم وهم أصحاب رسوله وخيرته من خلقه أشار بذلك الى ترك الغلو في الدين والى الاقتداء بالسلف الصالحين وقد قال الله تعالى يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق .
فكل من فعل أمرا موهما أنه مشروع وليس كذلك فهو غال في دينه