.
فهذا التأويل لا يعلمه الا الله وأما لفظ التأويل إذا أريد به صرف اللفظ عن ظاهره الى ما يخالف ذلك لدليل يقترن به فلم يكن السلف يريدون بلفظ التأويل هذا ولا هو معنى التأويل في كتاب الله عز وجل .
ولكن طائفة من المتأخرين خصوا لفظ التأويل بهذا بل لفظ التأويل في كتاب الله يراد به ما يؤول إليه الكلام وإن وافق ظاهرة كقوله تعالى ! < هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل > ! .
ومنه تأويل الرؤيا كقول يوسف الصديق ! < هذا تأويل رؤياي من قبل > ! وكقوله ! < إلا نبأتكما بتأويله > ! وقوله ! < ذلك خير وأحسن تأويلا > ! وهذا مبسوط في موضع آخر .
والمقصود هنا أنه ليس للنصارى حجة لا في ظاهر النصوص ولا باطنها كما قال تعالى ! < إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه > ! .
والكلمة عندهم هي جوهر وهي رب لا يخلق بها الخالق بل هي الخالقة لكل شيء كما قالوا في كتابهم إن كلمة الله الخالقة الأزلية حلت في مريم والله تعالى قد أخبر أنه سبحانه ألقاها الى مريم والرب سبحانه هو الخالق والكلمة التي ألقاها ليست خالقة إذ الخالق لا يلقيه شيء بل هو يلقي غيره وكلمات الله نوعان كونية ودينية فالكونية كقوله للشيء كن فيكون .
والدينية أمره وشرعه الذي جاءت به الرسل وكذلك أمره وإرادته وإذنه وإرساله وبعثه ينقسم الى هذين القسمين وقد ذكر الله تعالى إلقاء القول في غير هذا وقد قال تعالى ! < ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا > ! .
وقال تعالى ! < وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذ السلم > !