إلا ثلاثة أقوال أحدها أنه هادي أهل السماوات والأرض وقد ضعف ذلك فإن كان المنقول هو هذا الضعيف فيا خيبة المسعى إذ لم ينقل عن السلف في جميع كلامه إلى هنا شيئا عن السلف إلا هذا الذي ضعفه وأوهاه وإن كان المنقول عن هؤلاء الثلاثة أنه منور السماوات بالكواكب كان متناقضا من وجه آخر وهو أنه قد ذكر فيما بعد أن هذا روي عن ابن عباس في رواية أخرى وأبي العالية والحسن أنه منورها بالشمس والقمر والنجوم وهذا يوجب أن يكون المنقول عن ابن عباس والاثنين أولا غير المنقول عنه في رواية أخرى وعمن ليس معه في الأولى وإن كان نوره بالحجج الباهرة والأدلة كان متناقضا فإن هذا هو معنى الهادي إذا نصبه للأدلة والحجج هي من هدايته وهو قد ضعف هذا القول فما أدري من أيهما العجب أم من حكايته القولين اللذين أحدهما داخل في معنى الآخر أم من تضعيفه لقول السائل الذي يوجب تضعيف الاثنين وهو لا يدري أنه قد ضعفهما جميعا .
فيجب على الإنسان أن يعرف معنى الأقوال المنقولة ويعرف أن الذي يضعفه ليس هو الذي عظمه .
الوجه الرابع أنه قد تبين أنه لم ينقل عن ابن عباس وأنس وسالم إلا القول الذي ضعفه أو ما يدخل فيه فإنه إن كان قولهم الهادي فقد صرح بضعفه وإن كان مقيم الأدلة فهو من معنى الهادي وإن كان المنور بالكواكب فقد جعله قولا آخر وإن كان ما ذكره عن بعض العارفين فهو أيضا داخل في الهادي وإذا كان قد اعترف بضعف ما حكاه عن ابن عباس وأنس وسالم لم يكن فيه حجة علينا .
فتبين أن ما ذكره عن السلف إما أن يكون مبطلا في نقله أو مفتريا بتضعيفه وعلى التقديرين لا حجة علينا بذلك .
الوجه الخامس أنه أساء الأدب على السلف إذ يذكر عنهم ما يضعفه وأظهر للناس أن السلف كانوا يتأولون ليحتج بذلك على التأويل في الجملة وهو قد اعترف بضعف هذا التأويل ومن احتج بحجة وقد ضعفها وهو لا يعلم أنه ضعفها فقد رمى نفسه بسهمه ومن رمى بسهم البغي صرع به والله لا يهدي القوم الظالمين .
الوجه السادس قوله هذا يبطل دعواه أن التأويل دفع الظاهر ولم ينقل عن السلف فإن هذا القول لم أقله وإن كنت قلته فهو لم ينقل إلا ما عرف أنه ضعيف والضعيف لا يبطل شيئا فهذه الوجوه في بيان تناقضه وحكايته عنا ما لم نقله .
وأما بيان فساد الكلام فنقول أما قوله يجب تأويله قطعا فلا نسلم أنه يجب تأويله ولا نسلم أن ذلك لو وجب قطعي بل جماهير المسلمين لا يتأولون هذا الاسم وهذا مذهب