.
فقرن التسبيح بالتحميد وقرن التهليل بالتكبير كما في كلمات الأذان ثم إن كل واحد من النوعين يتضمن الآخر إذا أفرد فإن التسبيح والتحميد يتضمن التعظيم ويتضمن إثبات ما يحمد عليه وذلك يستلزم الإلهية فإن الإلهية تتضمن كونه محبوبا بل تتضمن أنه لا يستحق كمال الحب إلا هو والحمد هو الإخبار عن المحمود بالصفات التي يستحق أن يجب فالإلهية تتضمن كمال الحمد ولهذا كان الحمد لله مفتاح الخطاب وكل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجدم وسبحان الله فيها إثبات عظمته كما قدمناه ولهذا قال ! < فسبح باسم ربك العظيم > ! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم رواه أهل السنن وقال اما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء فقمن أن يستجاب لكم رواه مسلم فجعل التعظيم في الركوع أخص منه بالسجود والتسبيح يتضمن التعظيم .
ففي قوله سبحان الله وبحمده إثبات تنزيهه وتعظيمه وإلهيته وحمده وأما قوله لا إله إلا الله والله أكبر ففي لا إله إلا الله إثبات محامده فإنها كلها داخلة في إثبات إلهيته وفي قوله الله أكبر إثبات عظمته فإن الكبرياء تتضمن العظمة ولكن الكبرياء أكمل .
ولهذا جاءت الألفاظ المشروعة في الصلاة والأذان بقول الله أكبر فإن ذلك أكمل من قول الله أعظم كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما عذبته فجعل العظمة كالإزار والكبرياء كالرداء ومعلوم أن الرداء أشرف فلما كان التكبير أبلغ من التعظيم صرح بلفظه وتضمن ذلك التعظيم وفي قوله سبحان الله صرح فيها بالتنزيه من السوء المتضمن للتعظيم فصار كل من الكلمتين متضمنا معنى الكلمتين الأخريين إذا أفردتا وعند الاقتران تعطي كل كلمة خاصيتها .
وهذا كما أن كل اسم من أسماء الله فإنه يستلزم معنى الآخر لكن هذا باللزوم وأما دلالة كل اسم على خاصيته وعلى الذات بمجموعهما فبالمطابقة ودلالتها على أحدهما بالتضمن .
فقول الداعي لا إله إلا أنت سبحانك يتضمن معنى الكلمات الأربع اللاتي هن أفضل الكلام بعد القرآن وهذه الكلمات تتضمن معاني أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ففيها كمال المدح .
وقوله ! < إني كنت من الظالمين > ! فيه اعتراف بحقيقة حاله وليس لأحد من العباد أن يبرىء نفسه عن هذا الوصف لا سيما في مقام مناجاته لربه وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى وقال من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب فمن ظن أنه خير من يونس بحيث يعلم أنه ليس