.
أحدها أن قوله تعالى ! < إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون > ! كلام حق فإنه سبحانه خلق هذا النوع البشري على الأقسام الممكنة ليبين عموم قدرته .
فخلق آدم من غير ذكر ولا أنثى .
وخلق زوجته حواء من ذكر بلا أنثى كما قال ! < وخلق منها زوجها > ! .
وخلق المسيح من أنثى بلا ذكر .
وخلق سائر الخلق من ذكر وأنثى .
وكان خلق آدم وحواء أعجب من خلق المسيح فإن حواء خلقت من ضلع آدم وهذا أعجب من خلق المسيح في بطن مريم وخلق آدم أعجب من هذا وهذا وهو أصل خلق حواء .
فلهذا شبهه الله بخلق آدم الذي هو أعجب من خلق المسيح فإذا كان سبحانه قادرا أن يخلقه من تراب والتراب ليس من جنس بدن الإنسان أفلا يقدر أن يخلقه من امرأة هي من جنس بدن الإنسان .
وهو سبحانه خلق آدم من تراب ثم قال له كن فيكون لما نفخ فيه من روحه فكذلك المسيح نفخ فيه من روحه وقال له كن فيكون ولم يكن آدم بما نفخ فيه من روحه لاهوتا وناسوتا بل كله ناسوت فكذلك المسيح كله ناسوت والله تبارك وتعالى ذكر هذه الآية في ضمن الآيات التي أنزلها في شأن النصارى لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم نصارى نجران وناظروه في المسيح وأنزل الله فيه ما أنزل فبين قول الحق الذي اختلفت فيه اليهود والنصارى فكذب الله الطائفتين هؤلاء في غلوهم فيه وهؤلاء في ذمهم له .
وقال عقب هذه الآية ! < فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون > ! .
وقد امثثل النبي صلى الله عليه وسلم قول الله فدعاهم إلى المباهلة فعرفوا أنهم إن باهلوه أنزل الله عليهم