.
وكثيرا ما يستغيث الرجل بشيخه الحي أو الميت فيأتونه في صورة ذلك الشيخ وقد يخلصونه مما يكره فلا يشك أن الشيخ نفسه جاءه أو أن ملكا تصور بصورته وجاءه ولا يعلم أن ذلك الذي تمثل إنما هو الشيطان لما أشرك بالله أضلته الشياطين والملائكة لا تجيب مشركا .
وتارة يأتون إلى من هو خال في البرية وقد يكون ملكا أو أميرا كبيرا ويكون كافرا وقد انقطع عن أصحابه وعطش وخاف الموت فيأتيه في صورة إنسي ويسقيه ويدعوه إلى الإسلام ويتوبه فيسلم على يديه ويطعمه ويدله على الطريق ويقول من أنت فيقول أنا فلان ويكون في موضع .
كما جرى مثل هذا لي كنت في مصر في قلعتها وجرى مثل هذا إلى كثير من الترك من ناحية المشرق وقال له ذلك الشخص أنا ابن تيمية فلم يشك ذلك الأمير أني أنا هو وأخبر بذلك ملك ماردين وأرسل بذلك ملك ماردين إلى مصر رسولا وكنت في الحبس فاستعظموا ذلك وأنا لم أخرج من الحبس ولكن كان هذا جنيا يحبنا فيصنع بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم لما جاؤوا إلى دمشق كنت أدعوهم إلى الإسلام فإذا نطق أحدهم بالشهادتين أطعمتهم ما تيسر فعمل معهم مثل ما كنت أعمل وأراد بذلك إكرامي ليظن ذاك أني أنا الذي فعلت ذلك .
قال لي طائفة من الناس فلم لايجوز أن يكون ملكا قلت لا إن الملك لا يكذب وهذا قد قال أنا ابن تيمية وهو يعلم أنه كاذب في ذلك .
وكثير من الناس رأى من قال إني أن الخضر وإنما كان جنيا ثم صار من الناس من يكذب بهذه الحكايات إنكارا لموت الخضر والذين قد عرفوا صدقها يقطعون بحياة الخضر وكل من الطائفتين مخطىء فإن الذين رأوا من قال إني أنا الخضر هم كثيرون صادقون والحكايات متواترة لكن أخطؤوا في ظنهم أنه الخضر وإنما كان جنيا ولهذا يجري مثل هذا لليهود والنصارى فكثيرا ما يأتيهم في كنائسهم من يقول أنه الخضر وكذلك اليهود يأتيهم في كنائسهم من يقول أنه الخضر وفي ذلك من الحكايات الصادقة ما يضيق عنه هذا الموضع يبين صدق من رأى شخصا وظن أنه الخضر وأنه غلط في ظنه أنه الخضر وإنما كان جنيا وقد يقول أنا المسيح أو موسى أو محمد أو أبو بكر أو عمر او الشيخ فلان فكل هذا قد وقع والنبي صلى الله عليه وسلم قال من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي قال ابن عباس في صورته التي كان عليه في حياته وهذه رؤيا في المنام وأما في اليقظة فمن ظن أن أحدا من الموتى يجيء بنفسه للناس عيانا قبل يوم القيامة فمن جهله أتى .
ومن هنا ضلت النصارى حيث اعتقدوا أن المسيح بعد أن صلب كما يظنون أنه أتى