! < وهو بكل شيء عليم > ! يشبه والله أعلم أن يكون لما ادعت النصارى أن المتحد به هو الكلمة التي يفسرونها بالعلم والصائبة القائلون بالتولد والعلة لا يجعلونه عالما بكل شيء ذكر أنه بكل شيء عليم لإثبات هذه الصفة له ردا على الصائبة ونفيها عن غيره ردا على النصارى .
وإذا كان كذلك فقول من قال بتولد العقول والنفوس التي يزعمون أنها الملائكة أظهر في كونهم يقولون أنه ولد الملائكة وأنهم بنوه وبناته فالعقول بنوه والنفوس بناته من قول النصارى .
ودخل في هذا من تفلسف من المنتسبة إلى الإسلام حتى إني أعرف كبيرا لهم سئل عن العقل والنفس فقال بمنزلة الذكر والأنثى فقد جعلهم كالابن والبنت وهم يجعلونهم متولدين عنه تولد المعلول عن العلة فلا يمكنه أن يفك ذاته عن معلوله ولا معلوله عنه كما لا يمكنه أن يفصل نفسه عن نفسه بمنزلة شعاع الشمس مع الشمس وأبلغ .
وهؤلاء يقولون إن هذه الأرواح التي ولدها متصلة بالأفلاك الشمس والقمر والكواكب كاتصال اللاهوت بجسد المسيح فيعبدونها كما عبدت النصارى المسيح إلا أنهم أكفر من وجوه كثيرة وهم أحق بالشرك من النصارى فإنهم يعبدون ما يعلمون أنه منفصل عن الله وليس هو إياه ولا صفة من صفاته والنصارى يزعمون أنهم ما يعبدون إلا ما اتحد بالله لا لما ولده من المعلولات .
ثم من عبد الملائكة والكواكب وأرواح البشر وأجسادهم اتخذ الأصنام على صورهم وطبائعهم فكان ذلك أعظم أسباب عبادة الأصنام .
ولهذا كان الخليل إمام الحنفاء مخاطبا لهؤلاء الذين عبدوا الكواكب والشمس والقمر والذين عبدوا الأصنام مع إشراكهم واعترافهم بأصل الجميع .
وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير موضع وأولئك هم الصابئون المشركون الذين ملكهم نمروذ وعلماؤهم الفلاسفة من اليونانيين وغيرهم الذين كانوا بأرض الشام والجزيرة والعراق وغيرها وجزائر البحر قبل النصارى وكانوا بهذه البلاد في أيام بني إسرائيل وهم الذين كانوا يقاتلون بني إسرائيل فيغلبون تارة ويغلبون تارة وسنحاريب وبخت نصر ونحوهما هم ملوك الصابئة بعد الخليل والنمروذ الذي كان في زمانه .
فتبين بذلك ما في القرآن من الرد لمقالات المتقدمين قبل هذه الأمة والكفار والمنافقين فيها من إثبات الولادة لله وإن كان كثير من الناس لا يفهم دلالة القرآن على هذه المقالات لأن ذلك يحتاج إلى شيئين إلى تصور مقالتهم بالمعنى لا بمجرد اللفظ وإلى تصور